louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


  مختارات نوعية | منازل الاخرة

منازل الآخرة 1: كفى بالموت واعظاً

ما أحوجنا الى ذكر الموت والبلى ، ومفارقة الأهل والأصحاب والأحباب ؟
      فالدنيا ـ مسراتها وملذاتها وشهواتها ـ راحلة فانية [ كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ] الرحمن 26 و 27
ولا ينشغل بهذه الدنيا عن الآخرة الا الغافلون  ، الذين هم عن الآخرة معرضون ، [ يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ، وهم عن الآخرة هم غافلون ] الروم7
من أجل ذلك  .. تتالت المذكرات ، والمنبهات ، والمحذرات ، والمنذرات ، القرآنية والنبوية ، لاثبات هذه الحقيقة ، وإحياء النفوس ، وإيقاظ القلوب ، قبل فوات الأوان ؟ [ استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لامرد له من الله ، ما لكم من ملجأ يومئذ ومالكم من نكير ] الشورى 47

مذكرات قرآنية:

* قال تعالى [ كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة ، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ، وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ] آل عمران 135
* وقال : [ أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ] النساء 77
* وقال : [ كل شيء هالك الا وجهه ، له الحكم واليه ترجعون ] القصص 88

محذرات نبوية:
 
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :[ أذكروا هاذم اللذات : الموت ، فانه لم يذكره في ضيق من العيش إلا وسعه عليه ، ولا يذكره في سعة إلا ضيقها ] صحيح الجامع الصغير  رقم الحديث 1222
* وقال الدقاق : [ من أكثرَ ذكرَ الموت ، أكرم بثلاث:  1- تعجيل التوبة  2- وقناعة القلب 3- ونشاط العبادة .  ومن نسي الموت عوجل بثلاثة : 1- تسويف التوبة 2- وترك الرضى بالكفاف [ أي بالطمع وعدم القناعة ] 3- والتكاسل عن العبادة ] تذكرة القرطبي ص 9
* وقال القرطبي :  قال العلماء : [ تذكُر الموت يَردع عن المعاصي ، ويلين القلب القاسي ، ويذهب الفرح بالدنيا ، ويهون المصائب ] تذكرة القرطبي ص 12

الموت : الفاصل بين منازل الدنيا ومنازل الآخرة .

   تنتهي رحلة الحياة الدنيا بالموت  ،  بأفراحها وأتراحها  ، بنعيمها وجحيمها ، وبحلوها ومرها  .  فالموت  نهاية  الدنيا وبداية الآخرة  ،  والكل بالغه وواصل اليه  وذائقه ، الغني والفقر ، الصغير والكبير ، الملك والمملوك  ، وصدق الله تعالى حيث يقول : { كل نفس ذائقة الموت وانما توفون أجوركم يوم القيامة  فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور }
   يأتي الموت وليس لأحد أن يدفعه  او يؤجله أو يهرب منه ..  يأتي من غير استئذان  وعلى غير موعد .. يأتي  اينما كان ، وحيثما كان ، دونما تحديد  لمكان أو زمان  ، ليبقى الانسان متحفزا دائما ، متهيئا دوما ، مستعدا  لمفارقة الدنيا  ولقاء الله تعالى ، وهو القائل عز من قائل : { ولكل امة أجل فاذا جاء أجلهم ، لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ، وما تدري نفس بأي أرض تموت ، إن الله عليم خبير }

ــــــــ  ألاحتضــــــــار ــــــــ 
  
   فاذا جاء الأجل  ، وأشرفت حياة الانسان على المغيب ، بعث الله  رسل الموت  لاسترجاع الأمانة وقبض الروح . ويكون الاحتضار على أحد حالين : حال المؤمنين ، وحال الكافرين والمنافقين . ولقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم  ذلك  بدقة  فقال :

{ إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل اليه ملائكة من السماء ، بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة ، وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد بصره . ثم يجيء ملك الموت  عليه السلام ، حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة [ وفي رواية المطمئنة ] أخرجي الى مغفرة من الله ورضوان . قال : فتخرج ، تسيل كما تسيل القطرة من فم السِقاء ، فيأخذها ..

{ وإن العبد الكافر [ وفي رواية الفاجر ] إذا كان في انقطاع من الآخرة وإقبال من الدنيا ، نزل اليه من السماء ملائكة ،  غلاظ شداد ، سود الوجوه ، معهم المسوح  من النار ، فيجلسون منه مد البصر ، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول : أيتها النفس الخبيثة أخرجي الى سخط من الله وغضب . قال : فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود  من الصوف المبلول ، فتقطع معها العروق والعصب ] رواه ابو داود والحاكم وغيرهما

ــــــــ  سكرات الموت  ــــــــ 

   ثم إن للموت سكرات ، مصداقا لقوله تعالى { وجاءت سكرة الموت بالحق ، ذلك ما كنت منه تحيد } ،  ولقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم  الى ذلك وهو يعاني  من مرض موته حيث يقول : يقول { لا إله الا الله ، إن للموت سكرات } للبخاري

ــــــــ  الـــــوداع ــــــــ 

    ومع الموت  ،  يفارق الانسان  كل من حوله وما حوله ..  أول ما يفارقه  ماله  ولو كان ملء الارض ذهبا  ، ثم يفارقه  أهله  وعياله  لدى  دفنه  وانزاله الى قبره  ،  نزله الجديد ، والقبر كما يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم [ اول منازل الآخرة ]
    فالى المحطة الأولى على طريق الآخرة  .. الى منزل القبر وأحوله وأحواله ، أعاذنا الله منها جميعا ، وجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ، إنه سميع  مجيب ..

ــــــــ  على فراش الموت ــــــــ 

لما احتضر أبوبكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه حين وفاته قال : و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد و قال لعائشة : انظروا ثوبي هذين , فإغسلوهما و كفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت . و لما حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلا : إني أوصيك بوصية , إن أنت قبلت عني : إن لله عز و جل حقا بالليل لا يقبله بالنهار , و إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل , و إنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة , و إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا , و ثقلت ذلك عليهم , و حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا , و إنما خفت موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل , و خفته عليهم في الدنيا و حق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا.

ولما طعن عمر  جاء عبدالله بن عباس ,فقال .. : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس , و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس , و قتلت شهيدا و لم يختلف عليك اثنان , و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه , فقال : المغرور من غررتموه , و الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع . و قال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه .فقال : ضع رأسي على الأرض . فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي ؟! فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض . فقال عبدالله : فوضعته على الأرض . فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل.

أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه  ، قال حين طعنه الغادرون و الدماء تسيل على لحيته لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين . اللهم إني أستعديك و أستعينك على جميع أموري و أسألك الصبر على بليتي . ولما إستشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا . ففتحوه فوجدوا فيه ورقة مكتوبا عليها (هذه وصية عثمان)
بسم الله الرحمن الرحيم . عثمان بن عفان يشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق . و أن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد . عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث إن شاء الله .

أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه  بعد أن طعن علي رضي الله عنه قال : ما فعل بضاربي ؟ قالو : أخذناه قال : أطعموه من طعامي , و اسقوه من شرابي , فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي , و إن أنا مت فإضربوه ضربة واحدة لا تزيدوه عليها ثم أوصى الحسن أن يغسله و قال : لا تغالي في الكفن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا و أوصى :إمشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي , و لا تبطئوا , فإن كان خيرا عجلتموني إليه , و إن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .

معاذ بن جبل رضي الله عنه و أرضاه الصحابي الجليل معاذ بن جبل .. حين حضرته الوفاة .. و جاءت ساعة الإحتضار .. نادى ربه ... قائلا .. : يا رب إنني كنت أخافك , و أنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار , و لا لغرس الأشجار .. و إنما لظمأ الهواجر , و مكابدة الساعات , و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم . ثم فاضت روحه بعد أن قال : لا إله إلا الله ... روى الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال .. : نعم الرجل معاذ بن جبل و روى البخاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أرحم الناس بأمتي أبوبكر .... إلى أن قال ... و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ .

بلال بن رباح رضي الله عنه و أرضاه حينما أتى بلالا الموت .. قالت زوجته : وا حزناه .. فكشف الغطاء عن وجهه و هو في سكرات الموت .. و قال : لا تقولي واحزناه , و قولي وا فرحاه ثم قال : غدا نلقى الأحبة ..محمدا و صحبه .

أبو ذر الغفاري رضي الله عنه و أرضاه لما حضرت أبا ذر الوفاة .. بكت زوجته .. فقال : ما يبكيك؟

قالت : و كيف لا أبكي و أنت تموت بأرض فلاة و ليس معنا ثوب يسعك كفنا ... فقال لها : لا تبكي و أبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول لنفر أنا منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين  و ليس من أولئك النفر أحد إلا و مات في قرية و جماعة , و أنا الذي أموت بفلاة , و الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق قالت :أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت الطريق فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا : ما لك يا أمة الله ؟ قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه .. فقالوا : من هو ؟ قالت : أبو ذر قالوا : صاحب رسول الله ففدوه بأبائهم و أمهاتهم و دخلوا عليه فبشرهم و ذكر لهم الحديث و قال : أنشدكم بالله , لا يكفنني أحد كان أمير أو عريفا أو بريدا فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى و صلى عليه عبدالله بن مسعود فكان في ذلك القوم رضي الله عنهم أجمعين.

الصحابي الجليل أبوالدرداء رضي الله عنه و أرضاه لما جاءأبا الدرداء الموت ... قال : ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟ ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه ؟ ثم قبض رحمه الله.

سلمان الفارسي رضي الله عنه و أرضاه بكى سلمان الفارسي عند موته , فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب , و حولي هذه الأزواد . و قيل : إنما كان حوله إجانة و جفنة و مطهرة ! الإجانة : إناء يجمع فيه الماء الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء و الطعام المطهرة : إناء يتطهر فيه.

الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه لما حضر عبدالله بن مسعود الموت دعا إبنه فقال : يا عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فإحفظهن عني : أظهر اليأس للناس , فإن ذلك غنى فاضل .و دع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر . و دع ما تعتذر منه من الأمور , و لا تعمل به . و إن إستطعت ألا يأتي عليك يوم إلا و أنت خير منك بالأمس , فافعل . و إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع , كأنك لا تصلي بعدها .

الحسن بن علي سبط رسول الله و سيد شباب أهل الجنة رضي الله عنه لما حضر الموت بالحسن بن علي رضي الله عنهما , قال : أخرجوا فراشي إلى صحن الدار , فأخرج فقال : اللهم إني أحتسب نفسي عندك , فإني لم أصب بمثلها !

الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه  قال معاوية رضي الله عنه عند موته لمن حوله : أجلسوني فأجلسوه .. فجلس يذكر الله .. , ثم بكى .. و قال : الآن يا معاوية .. جئت تذكر ربك بعد الانحطام و الانهدام .., أما كان هذا و غض الشباب نضير ريان ؟! ثم بكى و قال : يا رب , يا رب , ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي .. اللهم أقل العثرة و اغفر الزلة .. و جد بحلمك على من لم يرج غيرك و لا وثق بأحد سواك ... ثم فاضت رضي الله عنه.

الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه  حينما حضر عمرو بن العاص الموت .. بكى طويلا .. و حول وجهه إلى الجدار , فقال له إبنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله فأقبل عمرو رضي الله عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد ... شهادة أن لا إله إلا الله , و أن محمدا رسول الله ..إني كنت على أطباق ثلاث .. لقد رأيتني و ما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا أحب إلى أن أكون قد استمكنت منه فقتلته , فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.....
فلما جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : إبسط يمينك فلأبايعنك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي .. فقال : ما لك يا عمرو ؟ قلت : أردت أن أشترط  فقال : تشترط ماذا ؟ قلت : أن يغفر لي . فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما كان قبلها , و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟
و ما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن أملأ عيني منه , و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة , ثم ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟ فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و لا نار , فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , و أنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟

الصحابي الجليل أبوموسى الأشعري لما حضرت أبا موسى - رضي الله عنه - الوفاة , دعا فتيانه , و قال لهم : إذهبوا فاحفروا لي و أعمقوا ... ففعلوا .. فقال : إجلسوا بي , فوالذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين , إما ليوسعن قبري حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعا , و ليفتحن لي باب من أبواب الجنة , فلأنظرن إلى منزلي فيها و إلى أزواجي , و إلى ما أعد الله عز و جل لي فيها من النعيم , ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي , و ليصيبني من روحها و ريحانها حتى أبعث .
و إن كانت الأخرى ليضيقن علي قبري حتى تختلف منه أضلاعي , حتى يكون أضيق من كذا و كذا , و ليفتحن لي باب من أبواب جهنم , فلأنظرن إلى مقعدي و إلى ما أعد الله عز و جل فيها من السلاسل و الأغلال و القرناء , ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم إلى منزلي , ثم ليصيبني من سمومها و حميمها حتى أبعث .
سعد بن الربيع رضي الله عنه لما إنتهت غزوة أحد .. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يذهب فينظر ماذا فعل سعد بن الربيع ؟ فدار رجل من الصحابة بين القتلى .. فأبصره سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه .. فناداه .. : ماذا تفعل ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثني لأنظر ماذا فعلت ؟ فقال سعد : إقرأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم مني السلام و أخبره أني ميت و أني قد طعنت إثنتي عشرة طعنة و أنفذت في , فأنا هالك لا محالة , و إقرأ على قومي من السلام و قل لهم .. يا قوم .. لا عذر لكم إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و فيكم عين تطرف
 
 عبدالله بن عمر رضي الله عنهما  قال عبدالله بن عمر قبل أن تفيض روحه : ما آسى من الدنيا على شيء إلا على ثلاثة : ظمأ ا لهواجر ومكابدةالليل و مراوحة الأقدام بالقيام لله عز و جل , و أني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت و لعله يقصد الحجاج و من معه).

منازل الآخرة 2: القبر .. أول منازل الآخرة ؟

     بعد أن يوارى  الميت الثرى ، تاركا وراءه الدنيا وما فيها ، وقد سمع أصوات نعال مودعيه ، فيما يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول : { استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين او ثلاثا ، إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين }

 القــبــــر:
       أما القبر  فيصفه  رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول : { ما رأيت  منظرا الا القبر أفظع منه }اخرجه الترمذي

        وهذه الحفرة  هي اول منازل  الانسان بعد موته  لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :{ القبر أول منازل الآخرة ، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه ، وإن لم بنج منه فما بعده أشد منه } للترمذي   [ فنسأل الله تعالى الرحمة والنجاة ]

  فتنة القبر: 
       أما فتنة القبر التي استعاذ منها رسول الله صلى الله عليه وسلم  فتتمثل  في مساءلة الملكين [ منكر ونكير ] للميت . ففي سنن الترمذي :{ إذا قبر أحدكم ، أتاه ملكان أسودان أزرقان ـ يقال لأحدهما  المنكر ، وللآخر النكير ، فيقولان : ماكنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول : هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله الا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . وإن كان منافقا قال : سمعت الناس يقولون قولا  ، فقلت مثله ، لا أدري } وفــــــي روايـــــة :
{ فيقولان : فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فلا يهتدي لإسمه ، فيقال : محمد ، فيقول هاه ، هاه ، لا أدري ، سمعت الناس يقولون ذاك ،  فيقولان : لا دريت  ولا تلوت ، فينادي مناد [ أن كذب عبدي ] رواه أبو داود والحاكم وغيرهما  [ فنعوذ بالله تعالى من فتنة القبر ]

   ظلمة القبر وضمته:

      أما ظلمة القبر  فيخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم  فيقول :{ إن هذه القبور مليئة ظلمة على أهلها ، وإن الله منورها لهم بصلاتي عليهم } للبخاري ومسلم
       وأما ضمة القبر  فلا ينجو منها أحد ، صالحا أم طالحا ، ففي مسند أحمد  والطبراني وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا منها ، نجا سعد بن معاذ }

   عذاب القبر ونعيمه:
       وعن عذاب القبر ،  قال رسول الله صلى الله عليه لعائشة رضي الله عنها ،  وقد اخبرته أن عجوزين من يهود المدينة زعما أن اهل القبور يعذبون في قبورهم :{ صدقتا ، إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم }  قالت عائشة [ فما رأيته في صلاة الا يتعوذ من عذاب القبر ] لمسلم

        ومن  مجمل الروايات يتأكد أن العبد المؤمن ، اذا اجاب الاجابة الصحصحة في قبره ، يقال له : {أنظر الى مقعدك من النار ، أبدلك الله به مقعدا في الجنة ، فيراهما جميعا ، وأن العبد الكافر والمنافق بعد أن يجيب الاجابة الكاذبة في قبره ، يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه الا الثقلين} رواه البخاي ومسلم .

 منازل الآخرة 3: النفخ في الصور

     ومن منازل الآخرة ومحطاتها : يوم [ النفخ في الصور]  .. والصور هو [ القرن ] الذي ينفخ فيه اسرافيل عليه السلام بأمر الله تعالى ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : { إن طـْـرف صاحب الصور – منذ وكل به – مستعد ينظر نحو العرش ، مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد اليه طرفه ، كأن عينيه كوكبان دريان } قال الحاكم : صحيح الاسناد.

· عدد نفخات الصور  :
     وللصور نفخات ثلاث :
الأولى  ، التي يصعق فيها الناس ويخمدون ، مصداقا لقوله تعالى : { إن كانت إلا  صيحة واحدة فإذا هم خامدون }يس29 وقوله { ونفخ في الصور فصعق من في السموات والارض إلا من شاء } وقوله : { ما ينظرون الا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصّمون فلا يستطيعون توصية ولا الى أهلهم يرجعون }يس49
والثانية ، التي يقوم فيها ويبعثون ، مصداقا لقوله عزوجل : { ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثتنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } يس 51و52 وقوله : { ثم نفخ فيه اخرى فإذا هم قيام ينظرون }الزمر68
والثالثة ، التي يحشر فيها الناس لفصل الخطاب ، مصداقا لقوله تعالى : { إن كانت الا صيحة واحدة  فاذا هم جميع لدينا محضرون ، فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون } يس 54

·  هول النفخ في الصور  :

ولنفخة الصور هول عظيم ، جاء وصفه في القرآن الكريم بالصعق لشدته :{ فصـــــعق من في السموات والارض }  ويشير اليه الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول : { كــــــيــــــف أنعم ، وقد التقم صاحب القرن القرن ، وحنى جبهته ، وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ  }سلسلة الاحاديث الصحيحة
·                    متى الساعـــــــــــــة  ؟
كل ما ورد في كتاب الله ، يقطع بان موعد الساعة وأوانها  من أمر الله تعالى .. وهــــو
القائل :{ يسألونك عن الساعة ، أيان مرساها ، قل إنما علمها عند ربي ، لا يجليها لوقتها إلا هو ، ثقلت في السموات والارض ، لا تأتيهم إلا بغتة } الآعراف 187
      وفي تحديد من رسول الله صلى الله عليه وسلم  لليوم الذي تقوم فيه الساعة يقول :{ لا تقوم الساعة  الا يوم الجمعة }مشكاة المصابيح  وفي حديث آخر يقول :{ من أفضل أيامكم يوم الجمعة .. فيه خلق آدم ..وفيه قبض .. وفيه النفخة .. وفيه الصعقة .. فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي } رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي.
      وإذا كانت الساعة مجهولة الوقت والحين ، فهنالك علائم وأشراط حفلت بها كل مصنفات الحديث ، يمكن الرجوع اليها .
·  الفاصل الزمني بين النفختين الأولى والثانية  :
      فعن ابي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول لقد الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الفترة الزمنية بين النفختين الاولى والثانية فقال :{ ما بين النفختين أربعون ..}  قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت .. قالوا : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت .. قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت } رواه البخاري.
·   مــطــر ألإحــــــيـــاء  قبل النفخة الثانية  :

      يحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم  عن المطر الذي يحيي به الله عز وجل الاجساد بعد ما ماتت وبليت فيقول : { ثم  يرسل الله مطرا ، كانه الطل أو الظل – أي الخفيف – فتنبت منه اجساد الناس . ثم نفخ فيه أخرى فاذا هم قيام ينظرون } رواه مسلم.

·   ما العمل حيال هذه الأهوال  ؟
     طلب منا الاسلام أن نتحضر للآخرة ، وأن نجعل الدنيا مزرعتها ،  وأن نسعى لها سعيها  بإحسان وإتقان  ، وأن نتزود بصالحات الأعمال ، فقال تعالى :{ وتزودوا فان خير الزاد التقوى واتقون يا اولي الالباب } البقرة 195
      وحين سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم  عما  يقول المسلم حيال نفخة الصور ، قال :{ قولوا حسبنا ونعم الوكيل .. توكلنا على الله ربنا } سلسلة الأحاديث الصحيحة 3 / 66
      نسأل الله تعالى الهدى والسداد ، والعفو والعافية في الدين  والدنيا والآخرة ، وحسبنا الله ونهم الوكيل  ..

منازل الآخرة 4: البعث والنشور

     والمنزل  الثالث من منازل الاخرة  ، منزل البعث والنشور والمعاد الجسماني ، وفيه جاء قوله تعالى :{ ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث الى ربهم ينسلون ، قالوا يا ولنا من بعثنا من مرقدنا ، هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون }يس51

- عــظــــــم الـــذنــــب  :
     إنه الطور الذي يعاد تخلق الانسان فيه من جديد ، بعد أن يكون جسده قد بـَـلي، إلا عظم واحد ، أشار اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :{ كل ابن آدم تأكله  الأرض  إلا عظم الذنب ن منه خلق ، وفيه يركب ] جامع الاصول

- هيئة الناس يوم البعث :
     يُبعث الناسُ من قبورهم :  عراة  ، حفاة  ، غير مختونين ، مصداقا لقوله تعالى :{ كما بدانا أول خلق نعيده ، وعدا ً علينا ،  إنا كنا فاعلين } الانبياء 104

-  الحال الذي يبعثون فيه :
     ويبعث الناس من قــــبورهم على الحال الذي ماتــوا عليه ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ يبعث كل عبد على ما مات عليه } رواه مسلم ،   فيبعث المحرم ملبيا ً ، والمصلي مصليا  ، والشهيد ينزف جرحه دما ً  اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ..
      من هنا كان من المستحب ، تلقين المحتضر الشهادة ، حتى يبعث عليها ويكون من أهل الجنة .

-  خواص الانسان يوم البعث  :
     يتخلق الانسان يوم البعث تخلقا جديدا ،  بحيث تظهر فيه خواص لم تكن قائمة في الحياة الدنيا ..  من ذلك أنه لايموت مهما عذب ، مصداقا لقوله : { ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت } ابراهيم 17 وأنه يرى الملائكة والجن .
     ومن ذلك كذلك : أن اهل الجنة لا يبصقون ، ولا يتبولون ، ولا يتغوطون ، وأنهم :{ لا يسمعون فيها لغوا ً ولا تأثيما ، إلا قيلا  سلاما سلاما }

منازل الآخرة 5: الحشــــــر

     يوم الحشر له  أسماء متعدد ، منها : يوم الدين ، و يوم الجمع ،  حيث يجمع الله عباده ، ويحشرهم جميعا  ، الأولون  والآخرون ، مصداقا لقوله تعالى :{ قل إن الأولين والآخرين لمجموعون الى ميقات يوم معلوم } الواقعة 50 ولقوله عزوجل :{ إن كانت إلا صيحة واحدة فاذا هم جميع لدينا محضرون} يس
     والحشر يكون الى  مكان واحد ، يأتي الله بالناس جميعا اليه ، على تفرق الديار وتنائي الأ قطار والأمصار،إنفاذا لأمره تعالى :{ أينما تكونوا ، يأت  بكم الله جميعا إن الله على كل شيء قدير }البقرة 148
     والناس يحشرون في ذلك اليوم : حفاة عراة غرلا ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :{ يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا } قالت عائشة : النساء والرجال جميعا ، ينظر بعضهم الى بعض ؟ قال : { يا عائشة ، ألأمر أشد من أن ينظر بعضهم الى بعض } متفق عليه
كسوة العباد يوم الحشر:
       بعد ان يبعث العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا ، يكسون .. فالمؤمنون الصالحون : يلبسون الثياب الكريمة ، والكافرون وأشياعهم يسربلون بسرابيل من قطران ،  ووتوضع رؤوسهم في مقامع من حديد
حال أرض المحشر:
       يصف رسول الله صلى الله عليه  وسلم أرض المحشر بقوله :{ يحشر الناس يوم القيامة ، على أرض بيضاء عفراء [ أي شديدة البياض ] كقرصة النقى [ أي الدقيق النقي ] ليس فيها معلم واحد " كجبل أو سواه"]  رواه البخاري . وصدق الله تعالى حيث يقول :{ ويسألونك عن الجبال ، قل ينسفها ربي نسفا ً ، فيذرها قاعا صفصفا ، لا ترى فيها عوجا ولا امتا ً ] طه 105 و 106
حال الناس في ذلك اليوم:
        لقد حفل القرآن الكريم  بالايات التي تصف أهوال يوم الحشر .. فقال تــــعالى : { فإذا جاءت الصاخة ، يوم يفر المرء من أخيه ، وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه ، لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه } عبس 32-37
     ويقول في موضع أخر :{ يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ، ولـكن عذاب الله شديد } 1 و 2.

منازل الآخرة 6: بعض معالم الحشر

[ يوم القيامة ]أو [ دار القرار]

     إن ليوم الحشر معالم  كثيرة ، نورد  هنا بعضا منها :

·   قبض الأرض وطي السماء ، مصداقا لقوله تعالى:{ الآرض جميعا قبضته يوم القيامة ، وااسموات مطويات بيمينه ] الزمر 67
·   دنو الشمس من رؤوس الخلائق ، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :[ فيكون الناس على قدر اعمالهم في العرق .. فمنهم من يكون الى كعبيه ، ومنهم من يكون الى ركبتيه ، ومنهم من يكون الى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ، وأشار النبي بيده الى فيه ] رواه مسلم
·   التخاصم بين الكافرين ، الى أن يلعن بعضهم بعضا .
·   خطبة إبليس ، مصداقا لقوله تعالى :{ وقال الشيطان لما قضي الأمر : إن الله وعدكم وعد الحق ، ووعدتكم فأخلفتكم ، وما كان لي عليكم من سلطان ، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ، فلا تلومونني ، ولوموا أنفسكم ، ما أنا بمصرخكم[ أي بمغيثكم ]، وما انتم بمصرخي ، إنني كفرت بما أشركتموني من قبل ، إن الظالمين لهم عذاب اليم } ابراهيم 22
·   حال الأتقياء : فالاتقياء  ، لايفزعهم ذلك اليوم ولا يخيفهم ، فهم في أمن وامان من الله تعالى ، وهم المعنيون بقوله:{ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى ، اولئك عنها مبعدون ،لايسمعون حسيسها ، وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ، لايزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة ، هذا يومكم الذي كنتم توعدون } الانبياء 101ـ103
·   حال عصاة المؤمنين  ، فهؤلاء ـ بحسب ما ورد من نصوص ـ يعذبون ببعض ما ارتكبوا من ذنوب ، من ذلك  :

> منع الزكاة > التكبر > كتمان ما أنزل الله > العقوق > زنا العجوز > الاتيان في الدبر > التشبه بالرجال > الغدر > .

منازل الآخرة 7: الشفاعة

     إذا اشتد العذاب على الناس يوم الحشر ، يقبلون على الاتبياء وأصحاب المقامات يسألونهم الشفاعة عند الله .. يبدأون بآدم عليه السلام ، ليصلوا الى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، فقد ثبت في صحيحي البخاري ومسلم قوله صلى الله عليه وسلم :{ كل نبي سأل سؤالا .. أو قال : لكل نبي دعوة دعاها لآمته ، وإني اختبأت دعوتي ـ شفاعتي ـ لأمتي يوم القيامة }

أنواع الشفاعة :
     يتبين من الاحاديث النبوية ، أن الشفاعة على نوعين :
[ الأول ]  الشفاعة العظمى  ، والمقام المحمود ، الذي يطلبه المسلمون للرسول صلى الله عليه وسلم ـ  وهو خاص به ـ  ليشفع لهم عند ربهم .
[ الثاني ] الشفاعة العامة ، والتي  تشمل أهل الذنوب من المؤمنين الموحدين الذين دخلوا النار.

      وفيما يلي أبرز الحالات والجوانب التي تلحظها الشفاعة ، والراجح أنها مقبولة :
الشفاعة فيمن تساوت حسناتتهم وسيئاتهم، ليدخلوا الجنة .
الشفاعة فيمن أمر بهم الى النار ، حتى لايدخلوها .
الشفاعة في رفع درجات من يدخلون الجنة .
الشفاعة فيمن يدخلون الجنة بغير حساب .
  أما الشفاعة  المرفوضة ، فما يتصل منها  بالكافرين والمشركين ، كمثل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم لعمه  أبي طالب ، حيث يخرجه الله الى موقع في النار يغطي قدمه ، يغلي فيه دماغه .

منازل الآخرة 8: الحساب

     اذا جاء وقت الحساب جثت  كل أمة على ركبها ، مهابة من الله وإجلالا ، مصداقا لقوله تعالى :{ وترى كل أمة جاثية ، كلُ أمة تدعى الى كتابها ، اليوم تجزون ما كنتم تعملون } الجاثية 27

     ثم يأتي الباري عز وجل لفصل الخطاب .. ويصور القرآن الكريم هذا  المشهد المهيب فيقول : { هل ينظرون إلا أن  يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ، وقضي الأمر ، والى الله ترجع الأمور } البقرة 210

*  ويبدأ الحساب  ، ويعرض العباد على ربهم صفوفا صفوفا :{ وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة ، بل زعمتم أن نجعل لكم موعدا }
*  ويُسأل الناس عما فعلوه في دنياهم :{ فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوايعملون .
*  يسأل الانسان  عن أربع : 1- عمره  2- وشبابه   3- وماله    4- وعلمه.
*  أول الأمم حسابا أمة محمد عليه الصلاة والسلام .
*  أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله [ الصلاة ]
*  وأول ما يقضى بين الناس [ في الدماء ]

مشهد الحساب:

قدم القرآن الكريم صورا متــعــددة مهيبة لمشاهـــد يوم الحساب ، من ذلك قولـه تعالى :

{ وأشرقت الأرض بنور ربها ، ووضع الكتاب ، وجيء بالنبيين والشهداء ، وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون } الزمر 69.

منازل الآخرة 9: تطاير الصحف

 عندما تنتهي مناقشة الحساب ، يعطى كل انسان كتابه .. والكتاب ، هوالصحيفة أو السجل الكامل الذي يتضمن دقائق اعمال العبد في الحياه الدنيا ..
* هكذا تتطاير الصحف وتوزع الكتب :
      يجري توزيع الكتاب أمام كل الأشهاد ، وعلى مرأى من جميع الناس  ، ويقال للناس يومذاك  : {هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق * إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} الجاثية 29
      فأما المؤمن :  فيأخذ كتابه بيمينه  ومن أمامه ،  وسرعان ما يطمئن ويستبشر ، ويكون حاله على مثل ما وصفه الله تعالى في كتابه :{  فأما من أوتي كتابه بيمينه ، فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية  * قطوفها دانية * كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } الحاقة من 19- 24

      وأما الكافر والمنافق :  فيؤتى كتابه بشماله ومن وراء ظهره .. ويكون حاله كأسوأ حال ، حيث يدعو بالويل والثبور .. وهو المعني يقوله تعالى : { وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابية * ولم أدر ما حسابية * يا ليتها كانت القاضية * ما أغنى عني ماليه * هلك عني سلطانية * خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه } الحاقة من 25 – 31

الموقف الرهيب يا له من موقف رهيب ومخيف  ذلك الموقف الذي يجري فيه الحساب ، وتسلم فيه الصحيفة والكتاب ..

      وفي إشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى  تلكم الأحوال والأهوال يقول  للسيدة عائشة رضي الله عنها :

[... أما في مواطن ثلاثة فلا يذكر أحد أحدا  :

عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل .

وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه أم في شماله أو وراء ظهره.

وعند الصراط ، إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز ] رواه أبو داود والحاكم

نسأل الله تعالى العفو والعافية ، في الدين والدنيا والآخرة.

منازل الآخرة 10: الميــــــــــــزان

تعريف الميزان :
الميزان : هو ما يضعه الله تعالى يوم القيامة لوزن أعمال العباد ، مصداقا لقوله تعالى :{ ونضع الموازين القسط ليوم القيامة ، فلا تظلم نفس شيئا ] الأنبياء 47

     وينصب الميزان بعد " الحساب " لبيان مقادير الأعمال  .. يقول القرطبي : [ وإذا انقضى الحساب ، كان بعده وزن الأعمال ، لأن الوزن للجزاء ، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة لتقدير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ، ليكون الجزاء بحسبها ] تذكرة القرطبي 309

     والميزان من السعة ما يكفي لوزن السموات والأرض ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : { يوضع الميزان يوم القيامة .. فلو وزن فيه السموات والأرض لوسعت .. فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى  : لمن شئت من خلقي .. فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك }

     والميزان من الدقة ما  تشير اليه الاية الكريمة : { وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها ، وكفى بنا حاسبين } الانبياء 47 كما يتجلى ذلك في قوله تعالى : { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }

ثقل الميزان وخفته :
 لاشك أن صالحات الأعمال ، أو الأعمال الصالحة ، هي التي تثقل الميزان ، أي تزيده وزنا ، سواء وزنت هي بنفسها ، أو وزن أصحابها ، أووزنت صحائف أعمالهم ..

     وثقل وزن الميزان دليل الخير وخفته دليل الشر لقوله تعالى : { والوزن يومئذ الحق ، فمن ثقلت موازينه فاولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه ، فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون } الأعراف 8 و 9 وقوله { فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية * وأما من خفــت موازينه  فأمه هـاوية * وما أدراك ما هـيه * نـار حــاميـة} القارعة

-  ففي صحيح البخاري ،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لايزن ُ عند الله جَناح بعوضة ، وقال : إقرأوا : " فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا " }الكهف 105

-  وفي مسند الإمام أحمد عن  ابن مسعود ، أنه كان رقيق الساقين ، فجعلت الريح تلقيه فضحك القوم منه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مم تضحكون ؟ } فقالوا : يا نبي الله من رقة ساقيه . قال { والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أ ُحُـد }
 
الأعمال التي تـُثقل الميزان :  كل الأعمال الصالحة من شأنها أن تثقل الميزان ، فمن ذلك على سبيل المثال :

·   الحمد والتهليل والتسبيح ، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ كلمتان : حبيبتان الى الرحمن ،  خفيفتان على اللسان ، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده  ، سبحان الله العظيم} البخاري
·   حسن الخلق ، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ ما يوضع في الميزان يوم القيامة أثقل من : حسن الخلق } ابو داود والترمذي

بطاقة لا إله إلا الله محمد رسول الله :
          أما أمر بطاقة [ لا إله إلا الله محمد رسول الله ] فيشير اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : { إن الله سيخلّـص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر له تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول : لا يا رب، فيقول : ألك عذر ؟ فيقول : لا يا رب ، فيقول الله تعالى : " بلى إن لك عندنا حسنة ، فإنه لا ظلم اليوم " ، فتخرج بطــاقــة فيها أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده وسوله . فيقول :" أحضر وزنك " فيقول : يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقول : " فإنك لا تظلم" فتوضع السجلات في  كــفـَـة ، والبطاقة في كـَـفـة ، فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع إسم الله شيء } جامع الاصول 10/459 قال المحقق إسناده صحيح

منازل الآخرة 11: الحوض

- في تعريف الحوض :
الحوض هو مجتمع الماء .. وما ورد في حوض القيامة ، أنه واسع الأرجاء ، طوله شهر وعرضه شهر ، وزواياه سواء . وأن ماءه أبيض من اللبن ، وأحلى من العسل .. وأن ريحه أطيب من المسك ، وكيزانه ـ أي كؤوسه وأكوابه وأباريقه ـ كنجوم السماء .. وأن من شرب منه شربة لا يظمأبعدها أبدا ..

-  أحواض القيامة :
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :{ إن لكل نبي حوضا ، وإنهم ليتباهون أيهم أكثر وارده ، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم وارده } رواه الترمذي
 
-  مكان الحوض :
هنالك اختلاف بين أهل العلم حول مكان وموضع الحوض ..
-  فبعضهم ـ كالقرطبي والغزالي ـ يعتبر أن الحوض قبل الصراط  ، بدليل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن إلي رجال منكم ، حتى إذا أهويت اليهم لأناولهم ، اختلجوا دوني ـ أي أخذوا وابعدوا ـ فأقول : أي رب ، أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما احدثوا بعدك } رواه البخاري ومسلم
-  والبعض الاخر يرى أن الحوض بعد الصراط  والله اعلم .
 
- المبعدون عن الحوض :
يتصدى الامام القرطبي لهذه القضية ، فيقول :{ قال علماؤنا رحمهم الله أجمعين : فكل من ارتد عن دين الله ، أو أحدث فيه مالا يرضاه الله ، ولم يأذن به الله ، ، فهو من المطرودين عن الحوض ، المبعدين عنه .. وأشدهم طردا : من خالف جماعة المسلمين ، وفارق سبيلهم ، كالخوارج على اختلاف فرقها ، والروافض على تباين ضلالاتها ، والمعتزلة على على أصناف أهوائها ، فهؤلاء كلهم مبـّدلون .. وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم ، وتطميس الحق ، وقتل أهله ، وإذلالهم ، والمعلنون بالكبائر المستـَخفـّون بالمعاصي ، وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع } التذكرة للقرطبي 206
 
- سيماء المؤمنين وعلامتهم الفارقة :
إن للمؤمنين يوم القيامة سيما تميزهم عن سواهم ، فهي سيما من أثر السجود ، كما من اثر الوضوء وغيره ..
ففي لفتة نبوية ، من أخبار الحوض ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :{ .. وانني لآصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه .. قالوا : يا رسول الله ، أتعرفنا يومئذ ؟ قال : نعم .. لكم سيماء ليست لأحد من الأمم .. تردون عليّ غرا محجلين من أثر الوضوء } رواه مسلم 
 
منازل الآخرة 12: دار القرار

في ختام مرحلة الحشر تكون دار القرار .. ودار القرار هي  يوم الفصل الذي تتقرروتبرم  فيه مصائر العباد جميعا ، ثم يوزعون بين جنة ونار.. فإذا صدر القرار ، وعرفت كل أمة مصيرها ، وتبين لكل عبد موقعه ، تتوالى المشاهد وتتابع وتتسارع ..

-  مواكب أهل النار:

يـُطلب من كل أمة أن تتبع الإله الذي كانت تعبده .. فمن كان يعبد الشمس يتبعها .. ومن كان يعبد القمر يتبعه .. ومن كان يعبد الاصنام والاوثان يتبعونها ، وصدق الله تعالى حيث يقول :} وسيق الذين كفروا الى جهنم زمرا(76) { (الزمر)، } ونسوق المجرمين الى جهنم وردا(86) { (مريم).

ومن مواكب الكفار اللافتة موكب فرعون ، الذي اختصته وأشارت اليه الآية الكريمة :

} ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين(96) الى فرعون وملائه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد(97) يقدُ م قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود(98) { (هود) ـ أي يسير في مقدمتهم ـ وكلما مرت أمة من هذه الأمم الكافرة تتساقط في النار.

ولقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الى هذه المشهد فقال: "إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن : لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى أحد يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والانصاب إلا ويتساقطون في النار، حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر، وغـُـبَر أهــل الـكــتاب ـ أي بقاياهم ـ فيدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد [ عزير ابن الله ] فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا يا ربنا، فاسقنا، فيشار اليهم: ألا تردون؟ فيحشرون الى النار كأنها سرار يحطم بعضه بعضا، فيتساقطون في النار.. ثم يدعى النصارى، فيقال لهم: ما تعبدون؟ قالوا : نعبد المسيح ابن الله. فيقال لهم كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ما تبغون؟ فيقولون: عطشنا يا ربنا، فاسقنا ، قال: فيشار اليهم: ألا تردون؟ فيحشرون الى جهنم كأنها سراب، يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار" رواه مسلم

-  مواكب المؤمنين :
بعد أن تمضي كل أمة وراء ما كانت تعبد من دون الله ، يخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيقول: "وتبقى هذه الأمة، فيها منافقوها.. فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم.. فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه.. فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه" من حديث للبخاري ومسلم
وهكذا يتبع المؤمنون ربهم، حيث ينطلقون الى الصراط، مصداقا لقوله تعالى: }يوم نحشر المتقين الى الرحمن وفدا(85)  (مريم).

منازل الآخرة 13: النــــــــــــــــــــار

- مكان النار :
 لم يرد نص صريح في تحديد موقع الأرض ، قال السيوطي : [ محلها لايعلمه الا الله ، فلم يثبت عندي حديث  أعتمده في ذلك ] وقال  الشيخ  الدهلوي  : [ ولم يصرح أحد في تعيين مكانهما [ أي الجنة والنار ]

- سعة النار :
 يصعب على الانسان تصور سعة النار .. ومما يدل على عظيم اتساعها وكبرها ، أن الشمس والقمر مكوران في النار ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم :[ الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة ]

- عمق قعرها:
 النار دركات دركات  بدليل قوله تعالى : [ ان المنافقين  في الدرك الأسفل من النار .  وفي حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يبين أن قعرها سحيق . ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ سمع وجبة [ أي سقطة ] فقال النبي صلى الله عليه وسلم : [ أتدرون ما هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : هذا حَـجَـر رمي به في النار منذ سبعين خريفا، فهو يهوي في النار الى الآن ] رواه مسلم

-  أبـــوابــــها:
  للجنة سبعة أبواب ، لقوله تعالى : { وإن جهنم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } الحجر 43-44

- طعام أهلها وشرابهم:
 
-  طعام أهل النار: [ الغسلين ]  لقوله تعالى :{ ليس لهم طعام إلا من غسلين* لايأكله إلا الخاطئون } الحاقة 35 ،  وهو ما سال من جلود أهل النار  ، من القيح والصديد .

- ومن طعام أهل النار : [ الزقوم ] لقوله تعالى :{ إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم } الدخان 43- 46

-  ومن طعامها كذلك : [ الضريع ] وهو نوع من الشوك ، لقوله تعالى : { ليس لهم طعام إلا من ضريع * لايسمن ولا يغني من جوع } الغاشية 6 و 7

- أما شراب أهل النار  فهو[  الحميم ] وهو  الماء  المتناهي الحرارة و[ الصديد ] وهو ما يسيل من لحـــم الكفار و[ المهل ] وهو الزيـــت الحـــار و[ الغساق ]

- شدة حرها وعـذابها

- فهواؤها : السموم [ وهو الريح الحارة ] ، وظلها [ اليحموم ] أي قطع الدخان ، وماؤها الحميم . وصدق الله تعالى حيث يقول :{ وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال * في سموم وحميم * وظل من يحموم * لا بارد ولا كريم }

-  ووقود جهنم : الناس والحجارة ، وقال ابن مسعود : [ هي حجارة من كبريت ] قال تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } التحريم 6

-  أما أنواع عذابها فهي : > إنضاج الجلود > الصهر > اللفح > السحب على الوجوه > التقييد بالسلاسل والأغلال >  والضرب بالمطارق .

-  أقل الناس عذابا في جهنم من تحت قدميه جمرة يغلي بها دماغه .

- ولباس أهل الجنة : النار .

- وصوت جهنم : الزفير والتغيظ ، لقوله تعالى : { إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا } الفرقان12.


-  أما كثرة أهل النار فمن النساء ، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ إطلعت على أهل النار فوجدت أكثر أهلها النسا } وذلك نتيجة مايمارسنه من غواية وإفساد.

فنسأل الله تعالى العفو والعافية ، وأن يجيرنا من النار ، ومن خزي الدنيا وعذاب الآخرة ، إنه سميع مجيب .

منازل الآخرة 14: الـــصـــراط

- صفة الصراط :
الصراط هو الجسر الممدود فوق جهنم ليعبر عليه المؤمنون الى الجنة ، مصداقا لقوله تعالى: }وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، تم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا {

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجسر [الصراط] فقال: "مدحضة مزلّـة، عليها خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقباء، تكون بنجد، يقال لها السعدان" رواه البخاري ..

وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد : أن الصراط أدق من الشعرة، وأحد من السيف.

- المرور على الصراط :
بين يدي الصراط وقبل أن يعبره أحد ، تـُـلقى الظلمة ويعطى المؤمنون نورهم .. جاء في شرح العقيدة الطحاوية : [ في هذا الموضع ، يفترق المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ، ويسبقهم المؤمنون  ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول اليهم ]  وفي وصف هذا الحال جاء قوله تعالى: }يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا، انظرونا نقتبس من نوركم، قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا، فضرب بينهم بسور له باب، باطنه فيه الرحمه، وظاهره من قبله العذاب(13) { (الحديد)

وروى البيهقي بسنده عن مسروق، عن عبدالله، قال [ فمنهم من يُعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يُعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يُعطى نوره مثل النخلة بيمينه، حتى يكون آخر من يُعطى نوره في إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ أخرى، إذا أضاء قدّم قدمه، وإذا أطفأ قام ] وصدق الله تعالى حيث يقول: }يوم ترى المؤمنين والمؤمنات  يسعى نورهم  بين أيديهم وبأيمانهم ، بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم(13) { (الحديد)

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في وصف المرور على الصراط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ترسل الأمانة والرحم، فتقومان على جنبتي الصراط، يمينا وشمالا، فيمر أولكم  كالبرق، قلت: بأبي أنت وأمي، أي شيء كالبرق؟ قال: ألم تروا الى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ثم كمر الريح، ثم كمر الطير وشد الرحال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب .. سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجي الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا ..، قال: وعلى حافتي الصراط كلاليب معلقة، مأمورة بأخذ من أمرت به. فمخدوش ناج، ومكدوش في النار" لمسلم في صحيحه

- دعاء المؤمنين :
حيال هذا الموقف الرهيب ، والحال المهيب ، يفزع رسول الله والمؤمنون الى الدعاء، قائلين: (اللهم : سلم سلم) رواه البخاري .
والى هذا الحال تشير الآية الكريمة بقوله تعالى: }يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه، نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، يقولون، ربنا اتمم لنا نورنا، واغفر لنا، إنك على كل شيء قدير(3) { (التحريم).

منازل الآخرة 15: الــقــنطــــــرة

إذا انتهى أمر الصراط وعبر من عبر، وهوى من هوى ، يأتي دور القنطرة، ففي رواية للبخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يخلص المؤمنون من النار ، فيـُحبسون على قنطرة بين الجنة والنار ، فيـُـقـتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا .. حتى إذا هـُـذبوا ، ونـُـقوا ، اُذن لهم في دخول الجنة .. فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا" للبخاري    

- المظالم وحقوق العباد :
في الآخرة كما في الدنيا حق خاص وحق عام .. فأما الحق الخاص فحقوق الناس ، وأما الحق العام فحق الله تعالى ، إن شاء حاسب وعاقب ، وإن شاء غفر وسامح .. أما الحق الخاص ، فلا يسقطه إلا صاحبه ..

من هنا كان التوجيه النبوي الخالد في قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها ، فإنه ليس ثم دينار ولا  درهم ، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته ، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه" رواه البخاري

- تنوع المظالم والحقوق :
     إن المظالم والحقوق على نوعين اثنين :
[1] المظالم المعنوية : وهي كثيرة ولا يحصى لها عد ، كالإساءة الى الكرامات والاعراض ، وتتبع العورات ، واشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ، وقذف المحصنات الغافلات ، وتشويه صور الآخرين ، وقول وفعل ما يشين الناس ، والتفريق بين المتحابين ، وإحداث الفتن ، وخلافه ..

[2]  والمظالم المادية : فمنها ما أدى الى وقوع الاضرار الحسية بالناس ، وأكل أموالهم  بالباطل ، والظلم في القضاء والأحكام ، وعدم العدل  في المواقف ، وضياع الأمانات ، وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق ، وغيره ..

     والمطلوب حيال ذلك الاسراع الى تصفية الذمم من ظلامات الآخرين ، وعدم الاستهتار في ذلك أو الاستهانة به ، وذلك لعظيم خطره وكبير ضررة على المؤمنين يوم اليامة . يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا ينبغي لأحد من الجنة أن يدخل الجنة، ولأحد من النار عنده مظلمة حتى أقضه منها، حتى اللطمة.. قلنا: يا رسول الله كيف؟ قال: بالسيئات والحسنات" أخرجه الحاكم

     وصدق الله تعالى حيث يقول: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين(47) } (الحجر).

منازل الآخرة 16: الجنـــــــة

الجنة هي المنزل الأخير للمؤمنين } ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا { الكهف 107 ..  كما أن النار هي المنزل الأخير للكافرين .

·       بناء الجنة :
تتكون الجنة من لبنة من فضة ولبنة من ذهب ، ملا طها المسك ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران .

·       درجات الجنة :
في الجنة مائة درجة ، ما بين الدرجة والدرجة  كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها . ومن فوقها عرش الرحمن .

·       أبواب الجنة :
عدد أبواب الجنة ثمانية  ، لقوله صلى الله عليه وسلم ( في الجنة ثمانية أبواب باب منها يسمى الريان ، لا يدخله الا الصائمون ، فاذا دخلوا أغلق عليهم ) النهاية لابن كثير . وصدق الله تعالى حيث يقول : ( حتى اذا جاءوها  وغتحت أبوابها ، وقال لهم خزنتها : سلام عليكم ، طبتم فادخلوها خالدين ) الرعد23

·       أنهار الجنة :
في الجنة أنهار كثيرة ومتنوعة .. منها > الماء > والعسل > واللبن >  .. ومن الانهار > نهر الكوثر ، مصداقا لقوله تعالى :( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الانهار ) البقرة 25  وقوله : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ، فيها انهار من ماء غير آسن ، وانهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى )  محمد 15

·       أشجار الجنة :
أما أشجار الجنة فمتعددة ومتنوعة ، جاء ذكرها ووصفها في الكثير من المواضع القرآنية ، منها قوله تعالى : > ( فيها من كل فاكهة زوجان ) الرحمن 53 وقوله > ( وفاكهة كثيرة ، لا مقطوعة ولا ممنوعة ) الواقعة 27 وقـوله > ( وفاكهة مما يتخيرون ) الواقعة 20

وفي لفتة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى  روعة أشجار الجنة ، يقول L ان في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة لا يقطفها )  رواه مسلم ، ومن فاكهة وثمار الجنة :> الزيتون > والرمان > والتفاح > والنخل > والعنب وغيرها .

·       نعيم الجنة :
-  نور الجنة :
  قال العلماء ( ليس في الجنة ليل ونهار  ، وانما هي في نور دائم. يقول ابن تيمية في ذلك : (  والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ، ولا ليل ولا نهار ، ولكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش ) مجموع الفتاوى 312/4

-  ريح الجنة  :  للجة رائحة طيبة زكية  تمأ جنباتها ، يشمها المؤمنون من مسافات يعيدة ، يتبين ذلك من خلال قوله صلى الله عليه وسلم :( من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد رائحة الجنة ، وان ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما ) الجامع الصغير

·       أهل الجنة :
- سادتها  :
  سيدا الكهول ( ابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ) وسيدا الشباب ( الحسن والحسين ) وسيدات نساء أهل الجنة (خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد ، ومريم ابنة عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون )

-  من يدخلون بغيرحساب : هنالك أعداد من المؤمنين يدخلون الجنة بغير حساب ، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم ؛  ( أعطيت سبعين الفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب ، وجوههم كالقمر ليلة البدر ، قلوبهم على قلب رجل واحد ، فاستزدت ربي عزوجل ، فزادني مع كل واحد سبعين الفا ) صحيح الجامع 1/350

- أول من يدخل الجنة : ثلاثة ؛ 1ـ الشهيد 2ـ عفيف متعفف 3ـ عبد أحسن عبادة الله ونصح موالبه .

- العشرة المبشرون بالجنة  ، وهم بحسب قول ارسول صلى الله عليه وسلم : 1- أبو بكر الصديق 2- عمر بن الخطاب 3- عثمان بن عفان 4- علي ابن ابي طالب 5- طلحة بن الزبير 6- الزبير بن العوام 7- عبدالرحمن بن عوف 8- سعد ابن ابي وقاص 9- سعيد بن زيد 10- ابوعبيدة ابن الجراح  .( صحيح ااجامع الصغير 1/70  رقم 50

-  آخر من يدخل الجنة :  رجل جاء وصفه على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( اني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار ؛ رجل يخرج زحفا ، فيقال له : انطلق فادخل  الجنة ، فيذهب ويدخل الجنة ، فيجد الناس قد أخذوا المنازل ، فيقال له : أتذكر الزمان الذي كنت فيه ؟ فيقول : نعم .. فيقال له : تمن .. فيتمنى  ، فيقال له : لك ما تمنيت ، وعشرة أضعاف الدنيا ، فيقول : أتسخر بي وانت الملك ؟ قال : فرأيت رسول الله  صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه مثل هذه التي لمسلم ) ررواه البخاري


عرض الكل
moncler