louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


  مرصد الداعية يكن | التحذير من الشر صنو التبشير بالخير  -  30/9/2014 بقلم الداعية فتحي يكن "رحمه الله"

لا تضيق صدوركم بالنقد



من كمال حكم الله تعالى، وكمال خلقه، هذا التنوّع في مخلوقاته.. تنوّع في الأشكال والألوان والألسن، وتنوّع في الأمزجة والطباع، تماماً كما هو تنوّع البصمات الحسية والوراثية.
فهذا إنسان متفائل بالخير دائماً، وذاك خائف من الشر أبداً.. هذا يبشّر وذاك ينذر، وآخر ينهض بالأمرين معاً، فسبحان الله في خلقه، وسبحانه وتعالى في بديع صُنعه.
كيف لو خلت الدنيا من مبشّرين واقتصرت على المنذرين؟ وكيف لو كان العكس؟
إن من حِكَم الله في ذلك أن الناس يختلفون في مشاعرهم وأحاسيسهم وتفاعلهم مع ما يرد إليهم ويُعرض عليهم.. فهذا تؤثر فيه المبشرات وذاك تشدّه المنذرات، وآخر تنال منه المضحكات كما تنال من غيره المبكيات.. أوليس هذا وذاك مما قدّره الله على عباده حيث قال: ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ) (النجم ـ 43).
وحاجة الإنسان إلى ما يبشّره كحاجته إلى ما يُنذره.. فالمبشرات لوحدها قد تُقعده عن السعي إلى الأمثل، والمنذرات لوحدها يمكن أن تصرفه عن العمل، وتُخلّف في نفسه اليأس والملل.. وقوامة أمره أن يبقى بين الخوف والرجاء والوجل والأمل. وصدق الله تعالى حيث يقول: ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) (السجدة ـ 16).
والمجتمع البشري لا يمكن أن يصلح حاله إلا بإحياء الوظيفتين وتفعيل الأداءين..
إن وجود أجراس الإنذار المبكّر من ـ الحريق ـ في المؤسسات من شأنه أن يقيها غوائل الحرائق والنكبات، وكذلك حال المجتمعات..
وإن إشارة التنبيه في كثير من التقنيات (Warning) يساعد على سلامتها وعدم تعرضها للخراب والتلف.. وكذلك الأمر في المجتمعات البشرية.
إنه ليس من المصلحة في شيء أن نضيق بالنقد والناقدين والمخالفين، وأن نطرب للمدح والمدّاحين وأن نقرّبهم، ونُقلي ونُبعد الآخرين!!
أولم يكن من خلق الأولين وسنن السابقين بإحسان قولتهم: [رحم الله من أهدى إلينا عيوبنا]؟
ثم ما قولنا في ذاك الصحابي الجليل سيدنا (حذيفة بن اليمّان) الذي كان أشبه بجرس إنذار مبكر، في العهد النبوي، وبين إخوانه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي كان دأبه تعقّب الشر والتحذير منه، مخافة الوقوع فيه..
يقول حذيفة رضي الله عنه [ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ ] /رواه البخاري/.
الإنذار والتحذير مهمة صعبة:

سهل على النفس البشرية قيامها بمهمة التبشير، أما مهمة التحذير فهي الأصعب على القائم عليها كما على المقصود بها.
فإنذار الناس من شانه أن يُغضب الناس، وقد يعرّض صاحبه للسوء، لأن تكاليف الحق كبيرة، ولكنها مهمة لا بد منها لمن سار على طريق الأنبياء واقتفى أثر الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو القائل: [ الساكت عن الحق شيطان أخرس ] وقوله [ أمرت أن أقول الحق ولو كان مرّاً ] و [ أمرت أن أقول الحق لا أخشى في الله لومة لائم ].
ومن الأوصاف التي وُصف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم (النذير) فقال تعالى: ( أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ مُبِينٌ ) (الأعراف ـ 184)، (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ )(هود ـ 12)، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا )(الأحزاب ـ 45).
إن تكاليف قول الحق والثبات عليه لم تترك لعمر بن الخطاب صاحباً بحسب ما ورد في الأثر، ولكن لا خيار، والاختيار والخطاب القرآني واضح وصريح (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )(الكهف ـ 29).
إن صعوبة مهمة المنذرين آتية من موقف المنكرين الرافضين للإنذار، المكابرين المستكبرين الذين جاء وصفهم في كتاب الله (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي ءَاذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا )(نوح ـ 7).
أما الربانيون من أصحاب القلوب الحية الذين انخلعوا من ذواتهم ونزواتهم، فإنهم الأكثر تأثّراً بالإنذار والتحذير والتخويف والوعيد، وصدق الله تعالى حيث يقول: (إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ )(فاطر ـ 18)، وقوله تعالى: (وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا ءَامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )(المائدة ـ 83).
•    أمثلة من الواقع:

إننا حين نتكلّم عن صعوبة مهمة المنذرين فلا أقصد دائرة عموم الناس من حكّام ومحكومين، وإنما أقصد كذلك ما يجري ضمن الساحة الإسلامية وفي نطاق الإسلاميين أنفسهم.
قال لي أحدهم وهو في موقع القيادة: لقد أراحنا الله من فلان، فهو كثير النقد يتابعنا بالوعظ والتحذير صباح مساء..
وقال آخر: إن المواقع القيادية يجب أن تكون متجانسة، بمعنى أن يكون الجميع موافقين ومتوافقين ولا مكان بينهم لمخالفين أو معارضين.
وقال ثالث: أما أنا فإنني أحرص على التعاون مع من يخالفني ويعارضني، لأنه يقدّم خدمة لا توصف حين يكشف لي جوانب الضعف عندي.
والحقيقة المرّة أن سياسة إقصاء النابهين بغيرهم، وتهميش الناصحين بحق، والقائلين لا حيث يجب أن تقال، من شأنه أن يُخلي الساحة للمصفّقين والمدّاحين والمتسللين إلى قطار الدعوة دون قطع تذاكر ودفع ثمن ـ كمـا وصفهم الإمـام الشهيد ـ وراكبي موجة الإسلام لتحقيق مصالحهم، إضافة إلى الضعفاء العالة.
إن الإسلام حين يربّي أتباعه على قولة الحق والصدع به، ولينهضوا بذلك حيال كل سلطان جائر ولو كان مسلماً أو إسلامياً.. وخطأ كبير أن نصرف الذهن إلى دائرة أعداء الدين من الطغاة والجبارين..

وظلم ذوي القربى أشد فصاحة    على المرء من وقع الحسام المهنّد

إن إصلاح الداخل أهم من إصلاح الخارج، وإن صلاح الخاصة هو السبيل لصلاح العامة، وإن عدالة واستقامة وشفافية القائد المسلم أدعى وأولى من أولئك الذين لا يمثّلون الإسلام ولا يزعمون ذلك من القادة والحكّام الآخرين..
لو لم يكن ذلك كذلك فما قيمة كل الخطب التي ألقاها الخلفاء الراشدون والتي تحضّ الرعية على تقويم اعوجاج أمرائها ولو بحد سيوفهم..
إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولو كان هذا المخلوق حبيباً قريباً، فالحق أحق أن يتّبع، والقاعدة أن يعرف الرجال بالحق، لا أن يعرف الحق بالرجال.


  عرض كل الأخبار
moncler