لقد اختص الله تعالى شهر رمضان بعطاء منه جزيل، ومن أجزل عطاء من الله: [..وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا] {الإسراء:20}. إنَّه العتق من النار.. و الفوز برضى الله و جنته و نعيمه المقيم.. وهل من عطاء أجْزَلُ و أفضلُ من هذا العطاء؟ بل هل من عطاءٍ يُضاهيه؟ [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا القُرْآَنِ
وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ القَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ*قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ
اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ*وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا
النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ*وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ
أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ*قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ] {سبأ:36:35:34:33:32:31}. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((للصائمين بابٌ في الجنَّة يقال له (الرَّيَّان) لا يدخل منه أحدٌ غيرُهم. فإذا دخل آخرهم أُغلقَ. من دخلّ شرِبَ، ومن شرب لم يظمأ أبداً)). وتبياناً لما اختص الله به شهر رمضان من خير وعطاء، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين في آخر يوم من شعبان فقال: ((قد أظلَّكم شهرٌ عظيم، شهرٌ مبارك، شهرٌ
فيه ليلة ٌ خيرٌ من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضةً، وقيامَ ليله تطوعاً. من تقرَّب فيه بخصلةٍ من الخير، كان كمن أدى فريضةً فيما سواه، ومن أدى فيه فريضةً كان كمن أدى
سبعين فريضة فيما سواه. وهو شهر الصَّبرِ، والصبرُ ثوابُه الجنة. وشهرُ المواساة، وشهرٌ يزداد فيه رزقُ المؤمن. من فطَّر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعِتْقَ رقَبتِه من النار، وكان
له مِثلُ أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء)) (رواه ابن خزيمة في صحيحة). لقد امتنَّ الله تعالى على الصائمين القائمين أن فتحَ لهم أبوابَ رحمتهِ في العشر الأوائل، وأكرمَهُمْ بالمغفرة في العشر الثانية و توَّج عطاءاتهم بالعتقِ من النار في العشر الأخيرة. بل إن الله تعالى اختص شهر رمضان بعميم فضله حيث بشر عز و جل بإعتاق الصائمين من النار في كل يوم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن لله عنْدّ كل فِطرٍ عُتَقاء، وذلك في كل
ليلة)) (رواه ابن ماجه).
|