من الفطرة في تناول الطعام ،الاقتصاد في الكمية ، مصداقا لقوله تعالى :{ كلوا واشربوا ولا تسرفوا}الاعراف30
وقوله :{ كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه } طه 81
فمن الفطرة التعامل مع الجهاز الهضمي وفق المنهج الرباني وتبعا لما هو ميسر له .. من ذلك :
عدم املاء البطن وحشوه بالطعام، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ ما ملأ ابن آدم وعاءً شرا ً من بطنه}
تحقيق التوازن الامعائي بين متطلبات الطعام والشراب والنفس ، لقوله صلى الله عليه وسلم :{ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فان كان لامحالة : فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه } روا الترمذي
اعتماد الحمية كنهج وقائي للمحافظة على سلامة الجسم ، ذلك أن درهم وقاية خير من قنطار علاج ، وقد عبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك أدق تعبير حيث قال :{ المعدة بيت الداء ، والحمية رأس كل شفاء }
أما إملاء البطون بالاطعمة ، وإدخال الطعام على الطعام ولو من غير شعور بالجوع ، وعدم اعتماد [ الريجيم ] الرباني في مسألة تنظيم الأكل والشرب ، فهو الذي أدى ويؤدي الى تكاثر الامراض الخبيثة ؟
والانسان بغنى عن الريجيم العلاجي القسري ، لو أنه اعتمد النظام الفطري الذي اشرنا اليه ، وبخاصة وأن الرجيم المتكلف يحمل معه الكثير من المخاطر الصحية ، وليس بمأمون العواقب ؟
اعرف قريبة كانت تأكل بلا حساب ، وتمتلي سمنة بلا حدود .. وكلما كانت تمتليء سمنة تعمد الى الريجيم الصارم ، فينحل جسمها ، وتضعف قواها ،وباتت حياتها ووقتها ضائعين في دوامة الاقلال من الطعام أوالاكثار منه ، الى ان اصيبت بمرض التهاب الدماغ [ السحايا ] وأدخلت المستشفى وهي في حالة الخطر الشديد ، ولو فسحة في الأجل لكانت اليوم من سكان القبور ؟
ان معالجة هذه الظاهرة المرضية تحتاج الى ارادة قوية ، والى اشغال النفس بالقيم العليا والأهداف الكبيرة . والاسلام يدعو الى الارتقاء بالنفس من دناياها ورزاياها وشهواتها ، حتى لاتصبح هذه القشوروالسفاسف أكبر همها ومبلغ علمها ، ويكون تعلقها بها عن المعالي والمكارم ، ويكون لسان حالها ما حكاه الشاعر بقوله : دع المكارم لاترحل لبغيتها واقعد فانك انت الطاعم الكاسي
إن النظام الاسلامي يعمل على تحقيق التوازن في كل الاشباعات ، حيث لا تفريط ولا افراط .. وكل جنوح عن عملية التوازن ، سيؤدي لامحالة الى نشوء حالة مرضية ، يكون حجمها وضررها بحجم الجنوح الذي تسبب بها
{ ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون } فتحي يكن السبت 7رجب 1423هـ / الموافق14 أيلول 2002 م |