louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


مصطفى مشهور

المربي الفاضل الأستاذ مصطفى مشهور   رحمه الله

المرشد العام الخامس لجماعة الإخوان المسلمين

1921 – 2002م

في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر تشرين أول سنة 2002م وبعد يوم طبيعي قضاه في مكتبه، عاد الأستاذ مصطفى مشهور إلى منزله، وتناول غداءه، ثم ذهب إلى فراشه للراحة، وعند أذان العصر صمم على الذهاب إلى المسجد مع أنه كان متعباً، فأعانه الله، وذهب لتأدية الصلاة مع الجماعة، كيف لا، وهو يرى في نفسه القدوة والمثل للشباب .

وحين هم بمغادرة المسجد انتابته غيبوبة سقط على أثرها أرضاً ونقل بعدها إلى المستشفى، حيث شاء الله أن ينتهي به الأجل، وتنتقل روحه إلى بارئها فعليه رحمة الله.

ولد فضيلة الأستاذ مصطفى مشهور في 15/9/1921م بقرية السعديين التابعة لمركز منيا القمح محافظة الشرقية شمال مصر، التحق بكتّاب القرية لمدة عامين، فالمدرسة الابتدائية بمدينة منيا القمح، ثم المدرسة الثانوية بمدينة الزقازيق، عاصمة محافظة الشرقية، ومكث بها عامين دراسيين، الأول والثاني الثانويين، ثم إلى القاهرة حيث أكمل المرحلة الثانوية بمدرسة العباسية الثانوية.. والتحق بكلية العلوم جامعة فؤاد الأول (القاهرة الآن) وانضم إلى شعبة الرياضيات وتخرج منها سنة 1942م، وفي القاهرة تعرف على دعوة الإخوان المسلمين، فبينما كان يصلي في مسجد الحي الذي يقطن فيه، رأى أحد المصلين يوزع مجلة تسمى (التعارف) وسمعه يدعو لدرس في الحي، فحضر، وسمع أحد الإخوان يتحدث عن الإسلام حديثاً أعجبه، ثم أعلن المتحدث أن الأستاذ حسن البنا سيعطي درساً يوم الثلاثاء في منطقة الحلمية، حيث كان يوجد المركز العام لجماعة الإخون المسلمين، فحضر الدرس، وأعجب بحديث البنا رحمه الله أيما إعجاب، وحرص على المداومة عليه، ثم تعرف على بعض الإخوان الذين نظموه في إحدى الأسر الإخوانية عام 1936م، وبايع مسؤول تلك الأسرة على الالتزام بدعوة الإخوان.

وفي أثناء دراسته لازمته فكرة الجهاد ضد الاستعمار الإنجليزي المحتل لأرض مصر وضرورة مقاومته، وكان يرى أن الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة، لذلك كانت دعوته لزملاء الدراسة للانضمام لدعوة الإخوان تبدأ من ضرورة مقاومة المستعمر المحتل، فكانت تجد آذاناً صاغية، خاصة وأن الأمة كانت مشحونة لمقاومة المشروع الصهيوني على أرض فلسطين.

كان رحمه الله قد تخرج من مصلحة الأرصاد الجوية، حيث عين متنبئاً جوياً، وكان في تلك الفترة عضواً قيادياً في ( النظام الخاص ) الذي أنشأه الشيخ حسن البنا رحمه الله لمقاومة الاحتلال البريطاني، والاستعداد لمواجهة العصابات الصهيونية في فلسطين، وقد خاض هذا النظام حرباً وسجل بطولات خالدة ضد العصابات اليهودية في حرب 1948 أشاد بها قادة الجيش المصري، وقادة عصابات اليهود.

وقد حاول المرجفون من مزوري التاريخ تشويه النظام الخاص وتصويره للناس أنه تنظيم إرهابي في محاولة لتشويه سيرة الإخوان، ولكن وقائع التاريخ ستظل تدمغهم بالكذب والافتراء في كل زمان.

لكنه سجن بسبب هذا النظام مدة ثلاث سنوات وذلك سنة 1948 مع عدد من إخوانه، وخرج سنة 1951، بعد محاكمة أشادت فيها المحكمة بمبادئ الإخوان، اعتبرته المحكمة درساً وليس عقاباً حسب قولها، وبعد خروجه من السجن اشتغل الاستاذ بالتجارة وأسس مع آخرين ( الشركة الشرقية للتجارة ) إيتكو.

وعندما قامت ثورة يوليو 1952 كان للإخوان دور بارز في حشد التأييد الشعبي.. يقول الأستاذ مصطفى مشهور: كنت ألمس من عبد الناصر اتصاله ببعض الإخوان وتعامله معهم، وكان يبدي هو وزملاؤه تقارباً لا بأس به مع الإخوان، وقبل قيام الثورة استأذن عبد الناصر ومجموعة من الضباط المرشد العام للإخوان المستشار حسن الهضيبي للقيام بالثورة فأذن لهم، ظناً من المرشد أنها ستكون في خدمة الإسلام.

وفي سنة 1954 دبر حادث المنشية بإيعاز من الخارج للقضاء على الإخوان فألصقت التهمة بهم، وحكم على ستة منهم بالإعدام، وعلى آخرين بالسجن وكان الأستاذ مصطفى مشهور ممن زُجّوا في السجون ظلماً، وأحضر إلى السجن الحربي ليلقى التعذيب الشديد على أيدي الظالمين.

وفي محاكمة لم يستغرق التحقيق فيها إلا ثلاث دقائق حكم عليه بعشر سنوات أشغال شاقة، وبعد الحكم نقلوه إلى ليمان طره، ثم إلى سجن الواحات الشهير، وهو عبارة عن خيام محاطة بالأسلاك الشائكة والحرس، وظروف تأقلم بها رغم شدة حرارتها وبرودتها وكان ذلك سنة 1955م، وقبل انتهاء المدة بستة أشهر نقل إلى أسيوط فقضى بها المدة المتبقية وخرج بحمد الله.

وبعد سنوات من المعاناة خرج الإخوان من السجون وكلهم تصميم على الاستمرار في العمل والدعوة.. وكانت المشكلة التي قابلت الإخوان، من أين نبدأ كي نمارس دعوتنا من جديد، بعد الذي طرأ على المجتمع المصري من تغيرات خلال غياب الإخوان في السجون، والتأثر بالأفكار الجديدة التي بثها النظام والتي تخالف في جوهرها مبادئ الإسلام القويم.

وكان أستاذنا ( مصطفى مشهور ) يردد دائماً عبارة ( المهم أن نسير في الطريق الصحيح) وقد اختاره الإخوان مسؤولاً لقطاع طلبة الجامعات عام 1974م لما لها من الأهمية، وكانت قدرته مع الأجيال الجديدة باهرة.. وأدت إلى انتشار التيار الإسلامي في الجامعات، وهو ما أحدث تغيراً واسعاً في المجتمع الذي انتشرت فيه الصحوة الإسلامية وانتقالها إلى سائر الشعوب الإسلامية.

سافر أستاذنا إلى ألمانيا إثر اعتقالات في صفوف الإخوان زمن السادات، وبقي هناك خمس سنوات، ثم عاد بعد تولي الأستاذ محمد حامد أبي النصر مرشداً عاماً، حيث اختير نائباً للمرشد العام.

وعقب وفاة أبي النصر يرحمه الله في شباط 1996م عين فضيلة الأستاذ مصطفى مشهور مرشداً عاماً.

إن من يقرأ كتب ومقالات فضيلة الأستاذ مصطفى مشهور يتوقف أمام فكرة أساسية هي : المضي في طريق الدعوة مهما كانت العقبات، فقد امتزجت هذه الفكرة في شخصه، وتغلغلت في أعماقه حتى لقبه البعض ( بالشارح الأول ) لمبادئ الإخوان.. وقد احتلت فكرة ضبط الدعوة بأصولها ووزنها بميزان مبادئها حيزاً كبيراً في فكره وكتاباته الكثيرة التي تربو على عشرين كتاباً.

وكان أبرز ما شغله في حياته التوازن بين الدعوة في حركتها العامة، وخاصة على صعيد العمل السياسي، وبين ميدانها الأصيل، وهو ميدان العمل التربوي، كما احتلت فكرة الدولة الإسلامية مكاناً بارزاً في تفكيره وكتبه بمعناها الحضاري الواسع، ورأى أن الدولة بناء ضخم يحتاج إلى أساس عريض وعميق ومتين، وبالتالي يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين، على اعتبار أن الأساس هو أشق مراحل البناء.

أما رؤيته للتغيير فيجب أن تكون جذرية ولو طال زمنه، فالإنجاز وحجم التغيير هما الأساس، والدعاة ليسوا مسؤولين عن النتائج بل عن العمل الصحيح، وكان دائماً يردد : ( لا نريد لبنائنا أن يقوم ثم ينهار ).

ومن أهم أفكاره ( إن بناء الذات الإنسانية المسلمة لرجل الدعوة هي أهم وأصعب ميادين البناء، لأن بناء الرجال أشق من بناء المؤسسات ).

ومن وصايا أستاذنا المرحوم :

1.  الإيمان أهم سلاح نتسلح به، يمنحنا قوة الصبر والثبات والاطمئنان أن المستقبل للإسلام، فعلينا أن نصبر، ونثابر حتى يتحقق وعد الله بالنصر إن شاء الله وأن نستبشر دائماً بأن النصر للإسلام.

2.  يجب على الإخوان أن لا ينزعجوا من هذه المحن، بل يعتبرونها شرفاً، فالزمن لا يقاس بعمر الأفراد، بل بعمر الدعوات والأمم، وليس هذا بالكثير على تحقيق هذا الهدف الكبير.

3.  علينا أن نتواصى بالجيل الجديد ونهتم به، ونورثه الدعوة، وندعوه لمواصلة المسيرة بالإيمان، والدعاء، والصبر، والاحتساب، ونهتم بالتربية وبأبناء الإخوان، وهذا مهم جداً في هذه الدعوة، فربما يتحقق على أيديهم النصر بإذن الله، فالأستاذ البنا رحمه الله كان يقول: نريد الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، الذي يرفض أن يستقر عليه غير الحكم الإسلامي.. فالصحوة الإسلامية قابلها انهيار الأخلاق في العالم الغربي، وعالم هذا حاله لا بد أن يزول بإذن الله.

فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت .. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

ومما امتاز به إمامنا المشهور رحمه الله أنه صاحب المرشدين السابقين من لدن الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله حتى استلامه منصب المرشد العام، فاكتسب بذلك خبرة عدة مراحل، ولكل مرحلة خبرتها وظروفها، وللسياسات شدتها ولينها، وكيدها وتلوينها، فتعلم من ذلك كله الأناة والمصابرة وسعة الصدر، والقدرة على الاستيعاب، كما فاز بثواب مواصلة الجهود ومشاركة أولئك القادة في الدعوة والتبليغ.

ومن مزاياه الفاضلة التي كان يتحلى بها :

1.  القدرة التربوية، وقد قبس نورها من كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عيله وسلم، وقيام الليل، ومصاحبة المرشد الأول الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، ذلك أن الأخلاق الكريمة تكسب من حال الرجال، أكثر منها من التلقين والأقوال وفي هذا المعنى يقول ابن عطاء السكندري ( لا تصحب من لم ينفعك حاله ويدلك على الله مقاله ).. وإن جماعتنا تولي التربية الأهمية الأولى، فهي التي تزكي الأنفس، وتهب الخصال الكريمة " والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين " [العنكبوت69].. وقد كان مرشدنا قدوة في أحواله، حكيماً في مواعظه وأقواله، أورث كثيراً من ذلك الشيء الكثير تلاميذه وإخوانه وجلساءه، رحمه الله وأجزل مثوبته. 

2.  الصبر: " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " .. وكيف لا يوصف من صبر على مآسي السجون وآلامها قرابة عشرين عاماً !! بنفس راضية مطمئنة، لم تخضع لطاغوت ولم تركع، وقد كان مدراء السجون يعرضون على أهل المعتقل حين زيارته الإفراج عنه مباشرة بمجرد توقيعه على نص للولاء للحاكم الظالم، وكانت عزة الشيخ مصطفى وثباته على مبادئه الربانية كانت تأبى عليه أن يتنازل أو يتراجع، وكان في نبل خصاله قليلاً ما يتحدث عن مآسي السجون والصبر عليها حذراً من التباهي والتفاخر.

3.  التواضع : قال الله تعالى : " واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " [الشعراء21] يشهد كل من عرف الشيخ مصطفى بتواضعه الجم وشدة حيائه، وخفض جناحه لإخوانه، يؤثر إخوانه على نفسه في أسفاره وإقامته، وتلك هي صفات عظماء الرجال وكبار النفوس.

وإذا كانت النفوس كباراً     تعبت في مرادها الأجسام

لقد أكرم الله تعالى شيخنا الجليل بهذه الفضائل الكريمة خلال عمره الدعوي الطويل والتي هي خير ما يجب أن يتحلى بها دعاة الإسلام في كل زمان ومكان .

رحمه الله وأكرمه وبوأه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

 المراجــع :

مجلة المجتمع عدد 1528 تاريخ 23/11/2002م


 
 
moncler