louis vuitton
ugg online
التعريف بالمؤسسة
نشاط سالم يكن
بيانات ومواقف
الإخوان المسلمون
الحركات الإسلامية
الجماعة الإسلامية
فقهيات معاصرة
مراصد الموقع
أبواب دعوية
إستشارات دعوية
حوارات ومحاضرات
بأقلام الدعاة
مواقع صديقة
ملفات خاصة
اتصل بنا


حركات مختلفة

 
الحركة في تونس
 
الحركة في تونس

أضواء على الحركة الإسلامية في تونس


يذهب بعض الياحثين والكتاب إلى القول بأن الحركة الإسلامية التونسية عريقة عراقة جامع الزيتونة، هذا الجامع الذي لعب دوراً كبيراً في تاريخ تونس، كما ساهم في الحفاط على الهوية العربية والإسلامية لها، ووقف سداً منيعاً في وجه الاستعمار الفرنسي، الذي كان يعمل على "فرنسة" تونس، وجرّها إلى دائرة التغريب.

خرّج جامع الزيتونة أعداداً كبيرة من الشخصيات المغاربية، التي قادت العمل الوطني، والنضالي، في أقطار المغرب العربي، وكان مناهضو الاستعمار يلجأون إليه لإكمال دراستهم، والتزود من معين الإسلام والوطنية، ومنهم على سبيل المثال: رئيس جمعية العلماء المسلمين في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس، وشيخ الحركة الإصلاحية في تونس الشيخ الثعالبي وغيرهما.

ويرتبط ظهور الحركات الإسلامية في تونس بتحركات بدأت في جامع الزيتونة في أواخر الستينيات، حين شرعت شخصيات إسلامية منها الشيخ عبد القادر سلامة، ومحمد صالح النيفر، والشيخ عبد القادر سلامة، ومحمد صالح النيفر، والشيخ بن ميلاد، في إلقاء محاضرات، ومواعظ، ودروس دينية، انتقد بعضها الحالة السياسية والثقافية والاقتصادية في تونس. وكان من بين الذين درسوا في الزيتونة في هذه الفترة عبد الفتاح مورو، أحد أهم المشاركين في تأسيس الحركة الإسلامية المعاصرة في تونس، وبدأ مهمته تلك بعقد صلات وثيقة بشخصيات وأوساط تونسية.

يقول د. حيدر ابراهيم علي صاحب كتاب "التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية": إن تاريخ الحركة الإسلامية التونسية هو التاريخ الموازي والمضاد للبورقيبة، وفي إطار أوسع للغرب، فقد كان الرئيس التونسي السابق بورقيبة من أكثر الزعماء صراحة في إعجابه بالثقافة الغربية. ويقول هشام جعيّط عنه: بقي بورقيبة بالفعل مبهوراً بأوروبا ولا سيما بفرنسا، وهو يشمئز في قرارة نفسه من الفكرة العربية، والمشرق، ويعتبره عالماً مغايراً تماماً لعالمه، وتملكه شعور بأن العروبة صيغة رجعية مغرقة في التقاليد واللاعقلانية، وأن القومية العربية فكرة ديماجوجية. لقد شكلت علمانية بورقيبة خطراً على الأمن الثقافي التونسي، حيث أصبحت القيم الإسلامية مطموسة، بسبب المناهج التعليمية، والخطط الإعلامية المستوحاة من توجيهات بورقيبة العلمانية، وهذا ما جعل الحركة الإسلامية التونسية تركزّ على الجانب الفكري، والتربوي، والثقافي، والتأكيد على أن الإسلام حضاري في بعده، وأن الحضارة الغربية بإفرازاتها المادية، خطرة على المجتمع التونسي. وفي بداية السبعينيات، التقى عبد الفتاح مورو براشد الغنوشي، الذي كان في وقت سابق معجباً بالفكر القومي الناصري، ثم تبنى الفكر الإسلامي، ونشأت صداقة بينهما، انعكست على نشاطهما السياسي فيما بعد.

ولد راشد الغنوشي – زعيم حركة النهضة – في حامة قابس، ودرس فيها المرحلة الابتدائية، ثم المرحلة الثانوية في المدرسة الثانوية التابعة لجامعة الزيتونة، ثم انتقل إلى بلدة مثيلبة، حيث نال الشهادة الأهلية – المتوسطة – ومن ثم درس في المدرسة الخلدونية في العاصمة. عمل في بداية حياته العملية معلماً في مدينة قفصة حتى سنة 1964م، بعدها سافر إلى دمشق، ليدرس الفلسفة، حيث حصل على إجازة فيها سنة 1968م. وفي دمشق تسنى له أن يقرأ الانتاج الفكري للإخوان المسلمين، وتحديداً ما كتبه سيد قطب، وكذلك أبو الأعلى المودودي أمير الجماعة افسلامية في باكستان. وبعد إتمام دراسته في دمشق، عاد الغنوشي إلى تونس سنة 1969م، وباشر التدريس في ثانويات العاصمة، وحمّام الأنف، والقيروان. وفي سنة 1979م ترك التدريس، وتفرغ لستكمال دراساته العليا في الشريعة الاسلامية.

وفي سنة 1970م قرر مع عبد الفتاح مورو، الشروع في إعطاء دروس، وإقامة حلقات دينية تعليمية في المساجد، وكان جل هذه الدروس تمحور حول حضارة الإسلام، وخطورة الثقافة الغربية المادية.

وانضم كلاهما إلى جمعية المحافظة على القرآن الكريم سنة 1971م. ومن جامع سيدي يوسف في العاصمة، بدأت الفكرة الإسلامية تسطع، منطلقة من دائرة المسجد إلى دائرة الجامعة.

وقد عمل الغنوشي ومورو على إقناع أكبر عدد ممكن من النخب المثقفة في المساجد والمعاهد التعليمية بأن الإسلام هو البديل الحضاري الحيّ، وشرع العنوشي في كتابة مقالات في جريدة "الصباح" اليومية، التي أتاحت له نقل أفكاره إلى شريحة من المثقفين، كما كان يكتب في مجلة "جوهر الإسلام" لصاحبها الشيخ المستاوي. ومع بروز مجلة "المعرفة" التي كانت المنبر الفعلي للحركة الإسلامية، كثف الغنوشي كتابة المقالات التي تتناول الحضارة الغربية، وإفرازاتها المادية، وانعكاساتها الخطيرة على مجمل الأوضاع في البلاد الإسلامية، وكان في هذه المرحلة معجباً بفكر سيد قطب، ومالك بن نبي، وأبي الأعلى المودودي، ومحمد الغزالي. وكانت مجلة المعرفة تركز على مواجهة الفكر اليساري، والعلماني، وموضوع المرأة في الإسلام. وفي أثنائها تأسست مجلة المجتمع، التي بدأ معها الخطاب الإسلامي يبلور شيئاً فشيئاً.

ولم تكن هذه التحركات بمنأى عن رصد السلطة التي كانت تراقب عن كثب، وخصوصاً بعد أن برزت الظاهرة الإسلامية في الجامعات، والثانويات، والمعاهد التعليمية، والمساجد. وبعد سنوات من النشاط المتواصل، انعقد اجتماع عام 1979م بضاحية مئوية في تونس، تقرر على إثره، تأسيس تنظيم إسلامي، أطلق عليه اسم الجماعة الإسلامية.

وإثر إعلان الحزب الدستوري الحاكم في تونس عن مشروع التعددية السياسية سنة 1981م، بادر أعضاء الجماعة الإسلامية إلى عقد مؤتمر عام، أعلنوا في ختامه عن حل الجماعة، وتأسيس حركة الاتجاه الاسلامي، وانتخب الغنوشي رئيساً لها، وعبد الفتاح مورو أميناً عاماً، وتم الإعلان رسمياً عن الحركة في 6/6/1981م، وتقدمت بطلب إلى وزارة الداخلية للحصول على اعتماد رسمي، لكنها لم تتلق أي جواب.

وفي يوليو 1981م ألقي القبض على راشد، وأحيل إلى المحاكمة في أكتوبر من العام نفسه مع مجموعة من قيادة الحركة بتهمة الانتماء إلى جمعية غير مشروعة، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات، وبعد ثلاث سنوات من الاعتقال جرى إطلاق سراحه في 2/8/1984م بعفو رئاسي، بعد وساطة من رئيس الحكومة آنذاك محمد المزالي.

وعندما كان الغنوشي معتقلاً، تولى قيادة قيادة الحركة كل من الفاضل البلدي، وحمادي الجبالي. وفي ديسمبر 1984م، عقدت الحركة مؤتمراً سرياً، انتهى إلى تثبيت الغنوشي ومورو على رأسها.

وفي 6/6/1985م عقدت حركة الاتجاه الإسلامي مؤتمراً صحفياً، كشفت فيه علانية، في الذكرى الرابعة لتأسيسها، عن وثائق مؤتمرها السري، وأسماء أعضاء المكتب السياسي، وفيهم الغنوشي، ومورو، وصالح كركر، وصادق شورو، وحمادي الجبالي، وعلي العريض، وفاضل البلدي.

وأعيد اعتقال الغنوشي في أغسطس 1987م، وحوكم مع مجموعة من رفاقه بتهمة قيام عناصر من الحركة بتفجير أربعة فنادق سياحية في العاصمة.

وقد أنكر الغنوشي التهمة، وندد بأعمال العنف التي شهدتها تونس، غير أن محكمة أمن الدولة حكمت عليه بالسجن المؤبد بتهمة تهديد أمن الدولة، والاتصال بدولة أجنبية هي إيران، كما حكم بالإعدام على سبعة من رفاقه، ونفذ الحكم في اثنين منهم.

وبعد ذلك أصدر الرئيس زين العابدين بن علي عفواً عن الغنوشي بمناسبة عيد الفطر في 15/5/1988م، فغادر إلى الخارج، ولم يعد إلى تونس منذ ذاك التاريخ.

من الفكر إلى السياسة

كانت هناك مبررات عديدة جعلت الجماعة الإسلامية تخرج من الدائرة الفكرية إلى الدائرة السياسية، منها:

-      نضج الخطاب الإسلامي، وبداية اقتناع كوادر الفكرة الإسلامية بضرورة لعب دور في الواقع السياسي التونسي.

-      غرق السلطة التونسية في حالة التبعية وضرورة التصدي لها من خلال المساهمة في التغيير السياسي.

-      تحديات التيارات والقوى العلمانية والتغريبية.

-      التحديات التي عاشها العالمان العربي والإسلامي، مثل أحداث أفغانستان، ولبنان وفلسطين وغيرها.

-      انتصار الثورة في إيران.

هذه العوامل الداخلية والخارجية، أملت على الغنوشي ورفاقه، ضرورة تكوين حزب سياسي. لكن وزارة الداخلية رفضت جملة وتفصيلاً، الترخيص للحركة، وللحؤول دون أن تكبر في الواقع السياسي، بادرت إلى اعتقال كل قياداتها.

في بيانها التأسيسي، ركزت حركة الاتجاه الإسلامي على ضرورة تحصين الشخصية التونسية من الذوبان في إفرازات التغريب، ووضع حد لحالة التبعية المطلقة للغرب، وإعادة بعث الإسلام الحضاري، ليلعب دوره الكامل في الواقع، والمساهمة في تأسيس كيان تونسي منسجم كل الانسجام مع حضارة الإسلام، وإعادة توزيع الثروات توزيعاً عادلاً.

وكانت السلطات تنظر إلى هذا التنظيم بكثير من القلق والحذر، خوفاً من تكرار التجربة الإيرانية، وخوفاً أيضاً من تكرار التجربة الإيرانية، وخوفاً أيضاً من تكرار التجربة الجزائرية، إذ خرجت التنظيمات الإسلامية إلى العمل العلني، كما برزت الحركة الإسلامية المسلحة في الجزائر بقيادة مصطفى بويعلي.

وما زاد في قلق السلطات التونسية، وقوع انفجارات في بعض الفنادق، ومعروف أن تونس تعتمد بالدرجة الأولى على السياحة.

ويورد فرانسوا بورجا – صاحب كتاب "الإسلام السياسي.. صوت الجنوب" – مشاهد لبدايات الصدام بين السلطة والإسلاميين في تونس، منها ما حدث في الحرم الجامعي في فبراير 1981م، حيث تم سجن عميد إحدى الكليات، وتهديده بالقتل عندما تدخلت الشرطة في الحرم الجامعي واشتكبت مع الإسلاميين، وكذلك حاول الإسلاميون منع المفطرين في شهر رمضان ، وتصادموا مع الشرطة في يونيو 1981م بعد حريق الباخرة الروسية.

لم يكن في تخطيط مؤسس حركة الاتجاه الاسلامي أن تكون حركة ثورية تغير الواقع العلماني عن طريق الحتمية الثورية، أما الإعجاب بمشروع الثورة الإيرانية، فهو إعجاب بمشروع الثورة بشكل عام، وإذا كانت الظروف سنحت لهذه الثورة أن تنتصر في أرض فارس، فقد لا تسنح لأن تنتصر ثورة مماثلة في حقول جغرافية أخرى.

وعندما أسس الغنوشي ورفاقه حركتهم، كانوا حريصين على أن تطرح الحركة مشروعها برويّة وحنكة، خصوصاً في خضم واقع سياسي وثقافي معقد.

أما أعمال العنف التي واكبت تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي، فقد قام بها أفراد متعاطفون مع التيار الاسلامي، ولم تثبت أي علاقة لقيادة الاتجاه بها.

وفي نظر بعض الباحثين، فإن السلطة التونسية حاولت استدراج الاتجاه الإسلامي إلى حلبة العنف، لتتمكن من إعداد الذرائع والتبريرات للشروع في استئصاله.

فالسلطة بعدم منحها الترخيص القانوني للحركة، كانت تعمل على استفزازها، علماً بأن السلطة هي التي أقرّت مشروع التعددية الحزبية.

وكانت كتابات الغنوشي في مجلات حركته هادئة، تناقش الواقع السياسي بكثير من الحكمة دون تصعيد، وحتى الإشادة بالثورة الإيرانية كانت موضوعية بلا انفعال.

وتكشف المنطلقات العقائدية لحركة الاتجاه الإسلامي أنها لا تؤمن بالعنف، فالتغيير عندها يجب أن يتم وفق أسس كونية واجتماعية تضمنتها سنن التاريخ وحركته، وهذا لا يعني أن فريضة الجهاد ساقطة، لا ولكن لها مناخاتها وضروراتها.

وكان الانفتاح على الآخر من سمات الحركة، إلى درجة أن أدبياتها كانت غنية بموضوعات الديمقراطية، والمرأة، والعلاقة مع الغرب، والتركيز على هذه المضامين كان الأبرز، بالمقارنة مع مضامين من قبيل تطبيق الشريعة، والقوانين الإسلامية، وإسلامية المجتمع، أو جاهليته.

وفي هذه السياق يقول الغنوشي: لقد كانت قضية الحريات العامة في الدولة الإسلامية الهم الأعظم، الذي استبد بي منذ بدايات الحركة الإسلامية في تونس، من مرحلة الدعوة لمبادئ الإسلام في مواجهة الثقافة الوافدة المهيمنة، إلى مرحلة التفاعل الواسع مع هموم المجتمع التونسي والعربي عامة.. وكان أهمها قضية الحرية ولا تزال، فقد كان تقديم إجابات واضحة عن التحديات المطروحة على الفكر الإسلامي – في بلد مثل تونس، قد ضرب بسهم وافر في التغريب والثقافة – ضرورة معرفية لا بديل عنها للحركة الإسلامية فيها.

وقد أعلن الغنوشي أنه يقبل بقواعد اللعبة الديمقراطية، معتبراً أن الديمقراطية لها سند في النصوص الشرعية، وهي الشورى بآلية أخرى، إلا أنه لا يعطي مفهوماً واضحاً عن الشورى، وهل هي عينها الديمقراطية الغربية.

الإقرار بقواعد الديمقراطية، لا يعني أن الغنوشي كان قد تخلى عن مبدأ إقامة الدولة الإسلامية، بل يعتبر ذلك فرضاً على كل مسلم، فالشرعية في النظام الإسلامي كما يقول: هي في الالتزام الكامل بالحكم بما أنزل الله، أو القبول الكامل بالاحتكام إلى شرع الله.

وعلى الرغم من اهتمام الغنوشي بالمفاهيم والتعريفات على خلفية تكوينه الأكاديمي، ألا أنه لم يقدم مفهوماً واضحاً عن الديمقراطية التي يقول إنها مفهوم إجمالي، يتسع لأشد الأنظمة تناقضاً. وبناء عليه، اتهمته بعض القوى العلمانية والتغريبية في تونس – كما حدث مع غيره في بلدان أخرى – بأنه مجرد مناور يريد استخدام الوسائل الديمقراطية لإقامة نظام أصولي على الطراز الإيراني، وأنه برز بهذا الطرح الديمقراطي ليتسنى له ممارسة العمل السياسي، وإعداد العدة للانقضاض على الحكم، وهذا ما عملت محكمة أمن الدولة على تأكيده، رغم أنها لم تكن تملك أي أدلة عليه!.

ولم تكن هذه مسلكية نظام برقيبة وحده مع حركة الاتجاه الإسلامي، فبعد الإطاحة الهادئة بحكم بورقيبة، وعلى الرغم من أن الغنوشي اعتبر نظام حكم الرئيس الجديد زين العابدين بن علي تجديدياً وضرورياً لنهضة تونس وبناء الديمقراطية، إلا أنه جرى اعتقاله مجدداً، ورغم أن الغنوشي لدى حلّه لحركة الاتجاه الإسلامي، وتأسيسه لحركة النهضة، فضل ألا يكون الإسلام عنواناً لاسم حركته الجديدة، إلا أن نظرة الدوائر التونسية إليه باعتباره ذلك "الرجعي الظلامي التوليتاري الخطر على الحداثة، والتنوير، والتغريب" ظلت قائمة.

ورغم أن حركة النهضة التي تأسست سنة 1988م، قامت بتكييف نفسها مع الواقع السياسي الجديد، إلا أنها لم تحصل على الترخيص أبداً، واستمر الصدام يبنها وبين السلطة. وقد أصدرت حركة النهضة في هذه المرحلة جريدة "الفجر" وحاولت أن تنفي عن نفسها الشبهات والاتهامات، إلا أن السلطة كانت تصر على أنها حزب غير شرعي، يعمل على قلب نظام الحكم.

وبين 1989-1992م اندلعت في تونس أعمال عنف، جرى على إثرها اعتقال العديد من القياديين في النهضة، ومنهم حمادي الجبالي، رئيس تحرير جريدة الفجر، وحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة، وكان الجبالي بالإضافة إلى تولية رئاسة تحرير الفجر عضواً في المكتب السياسي لحركة النهضة. أما راشد الغنوشي، فقد حكمت عليه محكمة أمن الدولة بالسجن المؤيد في 28/8/1992م، لكنه كان قد غادر إلى الجزائر، حيث واكب تطورات الساحة السياسية في الجزائر منذ تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في سبتمبر 1989م، وكانت الحكومة التونسية تطالب برأسه، وأوفدت لهذا الغرض مسؤولين رفيعي المستوى لاسترداده من الجزائر، بحجة أن هناك حكماً، قضائياً صدر بحقه، ولم ينجح هؤلاء في إقناع نظرائهم الجزائريين بضرورة استرداده.

وعندما تم اعتقال قادة الإنقاذ في 30 يونيو 1991م طلبت السلطات الجزائرية من الغنوشية، أن يغادر الجزائر فتوجه إلى السودان، ومنها إلى بريطانيا، حيث حصل على اللجوء السياسي، وبات يقيم في عاصمتها.

وفي منفاه الجديد، حاول أن يعيد ترتيب البيت النهضوي، فنجح إلى حد ما في الحفاظ على الإطار السياسي للحركة، وأخذ يصدر البيانات تباعاً، تعليقاً على مستجدات الأحداث، والتطورات السياسية في تونس.

واستمرت جريدة الفجر التابعة لحركة النهضة في الصدور من العاصمة القبرصية، ثم توقفت لأسباب مادية فيما يبدو.

وفي بريطانيا، عكف الغنوشي على إيصال صدى الحركة إلى مختلف المعنيين بالشأن الإسلامي، وشارك في العديد من المؤتمرات والندوات. لكن بسبب انتقال النهضة إلى المنفى، فقدت الكثير من فاعليتها السياسية، وبات عملها يقتصر على إصدار البيانات، وحتى هذه البيانات الورقية، راحت تقلق السلطات البريطانية، وضع حد لنشاطات الغنوشي، وكان الرد أن الغنوشي لم يخرق القوانين المعمول بها في بريطانيا.

moncler