قال تعالى :{ يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون }
هذا الاعلان الرباني الخالد ، يجسد الرعاية الالهية للانسان ، ليبقى مستقيم الخطى ، رشيد التصرف ، قويم السلوك .. فهو سبحانه يدله الى ما يحصنه ويقوي مناعته في مواجهة الاغراءات الشيطان ، ونفسه الأمارة بالسوء ، وبالتالي الى ما يسعـده في الدنيا والآخرة .
فالصوم ينتج التقوى، أو ينبغي أن ينتج التقوى، إن كان صوما صحيحا على سنة الله ورسوله .. والتقوى قوام الاستقامة ، وعدة المسلم في مغالبة الشهوات، وبلوغ أسمى الدرجات واعلى المقامات ..
والصوم أحد أبرز الرياضات النفسية .. فهو يقوي الارادة ، ويجعل للروح قوامتها على الجسد والاعضاء ..
فبالصوم يرهف الحس ، وتشف النفس ، ويتعاظم الأنس ، الأنس بالله تعالى وليس بالناس ، وصدق من قال : [ إن من معالم الافلاس الانس بالناس ]
والصوم مطرقة باب الجنة .. وهو ما عناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال لعائشة رضي الله عنها :{ أديمي يا عائشة قرع باب الجنة بالجوع }
ولقد بين نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم مقام الصائمين ، الذين استعلوا على أهوائهم ، وانتصروا على شهواتهم ولجموا غرائزهم بلجام التقوى ، فقال :{ إن في الجنة بابا يقال له " الريـّـان " ، يدخل منه الصائمون يوم القيامة ، لا يدخل أحد غيرهم فاذا دخلوه أغلق فلم يدخل منه أحد }
والصيام حجاب للصائم من النار ، لقوله عليه الصلاة والسلام :{ ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله ، إلا باعد الله بذلك اليوم وجههه عن النار سبعين خريفا }
والصيام شفيع لصاحبه يوم القيامة لقوله صلى الله عليه وسلم :{ الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة .. يقول الصيام : أي رب ، منعته الطعام والشهوة فشفعني به .. ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني به قال : فيشفعان }
فلنجاهد أنفسنا بالصوم .. فإنه من أقوى عوامل التصفية ، وأهم أسباب التزكية ، وبالله المستعان ، وعليه التكلان .
فتحي يكن الأحد 28 شعبان 1423 هـ الموافق 3 تشرين الثاني 2002 |